بلغت نسبة الزيادة في عدد السجلات التجارية السعودية في الربع الأخير لعام 2024 الى 67% حسب تقرير منشآت، هذه النسبة مُبشرة لرواد الأعمال والمستثمرين ، حيث أن هذا المؤشر يدل على أن المملكة منطقة خصبة للاستثمارات.
لكن ما نسبة المشاريع التي تستمر وتنمو وتتطور؟!
ماذا يعمل أصحاب المشاريع للبقاء والنمو وتحقيق النجاح؟!
في مقالنا هذا سنسلط الضوء على عقلية صاحب المشروع وطريقة تَفكيره ولماذا هي السبب الرئيسي للنجاح والنمو أو الفشل والخسارة.
ما أسباب عدم نمو المشاريع وتطورها؟
من خلال تعاملنا مع عدة مشاريع متوسطه وناشئة في السعودية، رصدنا أخطاء كثيرة تؤدي الى فشل المشاريع وعدم قدرتها على النمو والنجاح، مثل سوء التخطيط وعدم وضوح الأهداف وسوء التقديرات وعدم القدرة على إدارة التدفق النقدي والسيولة ، وإهمال التقارير المالية والمحاسبية وعدم الاهتمام بالتحليل المالي للمشروع.
ما يمنع حدوث هذه الأخطاء أو التقليل منها في الغالب هو عقلية صاحب المشروع وطريقة تفكيره و إدارته.
بالتأكيد سمعت عن مشاريع تطورت وكبر حجم أعمالها، وأيضاً بالتأكيد سمعت عن مشاريع أغُلقت أو مازالت على نفس النهج من سنوات طويلة، هذا كله يعتمد على عقلية صاحب المشروع ورائد الأعمال.
هناك عقليات مختلفة لأصحاب المشاريع ورواد الأعمال، وما سنسلطُ الضوء عليه في مقالنا هذا، هو الفرق بين عقلية صاحب المشروع الإطفائي وعقلية الراصد، وأثر كل عقلية على المشروع.
ما الفرق بين عقلية الإطفائي وعقلية الراصد ؟
إذا تأملت في طريقة عمل رجال الإطفاء، فإنك ستلاحظ أنه يتحرك بناءً على نشوب حريق، ولا تراه جالساً ومستعداً وفي يده خرطوم المياه في انتظار اشتعال أول شرارة من النار.
بينما لو تأملت في طريقة عمل الراصد الجوي، فإنك ستلاحظ أنه يراقب ويرصد حركة واتجاه الرياح وسرعتها لمعرفة وتقدير متى يمكن أن تحدث التقلبات والتغيرات الجوية.
لذلك من الطبيعي أن تجد الطيار يعتمد على تقرير الراصد الجوي ولا يهتم بعدد الحرائق التي أطفأها رجل الإطفاء في ذلك اليوم، فتقرير الأرصاد الجوية يمنحه رؤية أفضل بالمخاطر المحيطة في رحلته.
تخيل كيف سيكون حال المشروع الذي يملك صاحبه عقلية الإطفائي، والمشروع الذي يتمتع صاحبه بعقلية الراصد.

كما لاحظت في الجدول أعلاه أن صاحب المشروع الذي يتمتع بعقلية الراصد، لديه القدرة على إدارة المشروع بحكمة أكبر ويمتلك خطوات استباقية لما يمكن حدوثه في المشروع.
أما صاحب المشروع الذي يمارس إدارته بعقلية الإطفائي، فإنه أكثر توتراً ومعظم قراراته غير صحيحة ومبنية على الحدث الذي يقع. بمعنى آخر، أساس إدارته مبني على ردة الفعل.
ومن الجميل أن عقلية الراصد أو الاستباقي - التي تسمى أحياناً بعقلية النمو - يمكن تعلمها واكتسابها مع الزمن من خلال التدرب والتعلم.
ما هي العقلية التي يحتاجها المشروع للتطور والنجاح؟
ذكر آدم غرانت في كتابه "فكر مرة اخرى" قصة رجل الإطفاء الذي فكر بطريقة مختلفة عن زملائه عندما حاصرتهم النيران في وسط إحدى الغابات في أمريكا، عندما تغيرت وزادت سرعة الرياح، قرر زملائه الهروب والركض حتى لا تحاصرهم النيران في الغابة.
لكن أحد رجال الاطفاء بدأ بإشعال النار من حوله لكي يحرق أكبر قدر ممكن من الأعشاب اليابسة، وبدأ ينادي على زملائه حتى يساعدوه في عمل دائرة كبيرة قبل أن تصل النيران إليهم ،ولكنهم فضّلوا الهرب على أمل النجاة.
بعد ساعات تمكن رجال الإطفاء من إخماد الحريق في الغابة، وكانت المفاجئة أن رجل الإطفاء الذي أشعل النيران حوله هو الناجي الوحيد من بين زملائه الذين ماتوا وسط الغابة.
مشيئة الله وطريقة تفكير هذا الرجل أنقذته، حيث أنه أدرك من خلال رصده ومراقبته لسرعة الرياح و تغَيرها المفاجئ، أدرك بأنه لن ينجو، لذلك فكر بحرق ما يمكن أن تأكله النيران قبل أن تصل إليه.
آدم غرانت حلل الموقف، وأطلق على طريقة التفكير هذه باللياقة العقلية، أو معنى آخر الرشاقة العقلية.
وهذه العقلية التي يحتاجها المشروع، فالمرونة العقلية ناتجة عن لياقة ورشاقة في التفكير وتقبل التغيرات ومواكبة التطورات دون الخوف من المستقبل، وتقبل الحوادث الغير اعتيادية والقدرة على التعامل معها.
وهذا ما يجعل عقلية الراصد هي الأفضل لتطور المشاريع، لأنها تعطي لياقة عقلية لصاحب المشروع تساعده على اتخاذ القرارات الصحيحة.
كيف يستفيد المشروع من عقلية الراصد؟
عقلية الراصد أو الاستباقي لديها رغبة كبيرة في متابعة الأرقام والتقارير المالية والمحاسبية، وأيضا لديها اهتمام كبير في تنظيم المهام الإدارية والمحاسبية للمشروع.
هذا كله سيعود على المشروع بفرص استثمارية وفرص نمو أسرع من الشخص الذي يمتلك عقلية الإطفائي.
مثل هذه العقلية اذا أعطت المحاسبة أولوية واهتمام كبير ومتابعة وقراءة متعمقة للتقارير المالية، فإنها ستكون أكثر قدرة على عمل الآتي :
- رصد ومتابعة التدفق النقدي، وبالتالي زيادة السيولة والقدرة المالية للمشروع.
- ملاحظة المخاطر المالية المحيطة للمشروع مبكراً، وبالتالي يمكن حل المشكلة قبل حدوثها وتحولها لأزمة.
- يتخذ قرارات استراتيجية مبنية على أرقام واقعية وبالتالي تكون في غالبها صحيحة ومفيدة للمشروع.
هل تَوفر البيانات والمعلومات والتقارير كافي لنجاح المشروع؟
توفر البيانات وعمل القيود المحاسبية لتوثيق الحركات المالية في المشروع مهم وضروري لاستخراج التقارير والقوائم المالية ولا يمكن إهماله، ولكن هذه التقارير بدون قراءة صحيحة ومتابعة لها، ستجعل المشروع، ربما لا يخسر، ولكن لا ينمو ويحقق نجاحات كبيرة.
الجدير بالذكر أن هذه البيانات والتقارير لو كانت متوفرة في المشروع، ولم تجد عقلية صحيحة لقراءتها وتحليلها، فإنها لن تحقق الفائدة المرجوة.
لذلك عقلية الراصد مهمة في المشاريع لأنها تتمتع برؤية بعيدة المدى تمنحها القدرة على التخطيط واتخاذ القرارات الصحيحة التي بعون الله تؤدي إلى نجاح وتطور المشروع.
الخلاصة
إذا نظرت إلى السوق السعودي، فإنك ستجد آلاف المشاريع الناجحة، ولها امتداد واسع، ما يميز هذه المشاريع هي عقليات أصحابها ومؤسسيها.
الرشاقة والمرونة العقلية التي يمتلكها صاحب المشروع أو المدير التنفيذي أو صاحب القرار، هي أساس نجاح ونمو وتطور المشاريع.
بينما المشاريع التي يمتلك أصحابها عقلية الإطفائي والتي تعتمد على ردة الفعل في اتخاذ القرارات، فإنها تواجه مشاكل كثيرة، ولا تنمو بشكل مستقر، ومعرضة للخسارة والتقلبات المالية في المشروع.
من الجيد لمشروعك أن تمتلك عقلية الراصد، مع تنظيم حساباتك وتسجيل جميع حركات مشروعك لتتمكن من استخراج تقارير مالية تساعدك في اتخاذ قرارات إدارية صحيحة.
نحن في باي فلو نساعدك على تنظيم حساباتك ومعرفة أرقام مشروعك بدقة أكثر.. نساعدك في تبني وتطبيق عقلية الراصد ومعرفة الوضع المالي لشركتك بدقة. قم بحجز جلسة خاصة لمعرفة كيف يمكننا خدمتك.