ما هي تكلفة الفرصة الضائعة (Opportunity Cost)؟ وكيف تؤثر على قراراتك؟

ما هي تكلفة الفرصة الضائعة (Opportunity Cost)؟ وكيف تؤثر على قراراتك؟

September 17, 2025

"هل كان قراري صحيحاً؟"

هذا السؤال الذي يقفز أمامك بعد كل قرار تتخذه، كما أن شبحه يطاردك كخوف مستمر من اتخاذ أي قرار مستقبلي.

وفي الحقيقة فإن هذه الحالة من القلق غير مرتبطة بتفاصيل العمل الروتيني واليومي في حياة رائد الأعمال فحسب، بل قد تكون مرتبطة بقرارات مالية ذات تكلفة خفية تخشى من تكبدها مثل التوسع في الشركة، وهذا ما يدفعك للقلق دائماً.

لن ترى هذه التكلفة في قائمة مصروفاتك الشهرية، لكنها تؤثر مباشرةً على سرعة نمو شركتك وقدرتها على المنافسة، وهي ما يطلق عليها اسم: تكلفة الفرصة الضائعة (Opportunity Cost).

كرائد أعمال، قد تعتقد أن التفكير المالي يعني فقط حساب الإيرادات والمصروفات الظاهرة. لكن ما يصنع الفارق بين شركة تتقدم وأخرى تتعثر هو وعي مؤسسيها بالتكاليف غير المباشرة أي التي لا تدفعها نقداً، بل تخسرها في صورة فرص ضائعة. هذا ما سنستعرضه خلال هذا المقال الذي يتناول تكلفة الفرصة الضائعة من وجهة نظر رواد الأعمال.

 

ما هي تكلفة الفرصة الضائعة؟

تُعدّ تكلفة الفرصة الضائعة opportunity cost في الاقتصاد إحدى المفاهيم الأساسية. لماذا؟ لأن إنفاقك على أمر معين يعني تضحيتك بالإنفاق على أي أمر آخر، وهذا هو تعريف تكلفة الفرصة الضائعة.

كرائد أعمال، تكلفة الفرصة الضائعة تعني تكلفة البديل الذي استغنيت عنه. بمعنى آخر، هي المال أو الوقت أو الموارد الأخرى التي تتخلى عنها عند اختيار الخيار (أ) بدلاً من الخيار (ب). لذا، حتى تتمكن من اتخاذ قرارك بأفضل طريقة، يجب أن تحدد قيمة عددية لهذه التكلفة، مثل مبلغ مالي أو نسبة مئوية.

يمكن أن تكون تكلفة الفرصة الضائعة إيجابية أو سلبية. فعندما تكون سلبية، يعني أنك قد تخسر أكثر مما تربح. أما عندما تكون إيجابية، فأنت تتخلى عن عائد سلبي مقابل عائد إيجابي، لذا فهي خطوة مربحة.

لكي تستطيع أنت أيضاً تقدير ذلك، سنشرح فيما يلي هاتين الحالتين.

 

 

كيف تقدّر تكلفة الفرصة الضائعة قبل اتخاذ أي قرار؟

سنبدأ أولاً بشرح معادلة تكلفة الفرصة الضائعة بطريقة بسيطة. ودعنا نتفق هنا أن تكلفة الفرصة الضائعة تساعدك في إيجاد الفرق بين العائدات المتوقعة (أو العائدات الفعلية) لخيارين مختلفين وذلك وفق المعادلة التالية:

تكلفة الفرصة الضائعة = العائد على الخيار أ - العائد على الخيار ب

كلما زادت قدرتك على الوصول لبيانات حقيقية مثل رواتب، ومتوسط ​​معدل العائد على الاستثمار، وقيمة العميل مدى الحياة، والبيانات المالية للمنافسين، كان ذلك أفضل عند حساب توقعاتك.

تُفيد المعادلة السابقة في حالتين مختلفتين: يمكنك استخدامها لتقدير أثر قرار مستقبلي، أو لحساب خسائر أو مكاسب القرارات السابقة. لنبسط الموضوع أكثر سنعالج فيما يلي الحالتين السابقتين:

 

الحالة الأولى: اتخاذ قرار مستقبلي - توظيف محاسب أم تنفيذ الأمور المحاسبية بنفسك؟

أنت رائد أعمال تدير شركة ناشئة ولنفترض أنها حققت خلال شهر معين إيرادات بقيمة 50,000 ريال سعودي وأمامك الآن قرار مالي مهم: هل تدير الأمور المحاسبية بنفسك أم توظف شركة محاسبة متخصصة؟

سنبدأ أولاً بحساب تكلفة كل خيار:

الخيار الأول (إدارة الأمور المحاسبية بنفسك): ستحتاج إلى ما لا يقل عن 20 ساعة في الشهر لمتابعة الفواتير وإدخال البيانات ومراجعة الحسابات. للوهلة الأولى قد يبدو هذا مجاناً لأنك لا تدفع مالاً، لكن الواقع مختلف.

قيمة ساعة عملك كرائد أعمال تقدّر بـ 500 ريال (لأنك لو استثمرتها في التسويق أو التفاوض مع عميل جديد قد تحقق هذا العائد أو أكثر). وبالتالي فإن التكلفة الخفية = 10,000 ريال (20 × 500).

الخيار الثاني (توظيف شركة مختصة): ستدفع مبلغاً شهرياً قدره 2,500 ريال مقابل أن تتولى الشركة جميع المهام المحاسبية. هذا المبلغ هو التكلفة المباشرة، لكنه في المقابل يمنحك وقتاً إضافياً لتوظّفه في النمو والتوسع.

 

دعنا نطبق المعادلة التي تحسب تكلفة الفرصة الضائعة على هذين الخيارين:

تكلفة الفرصة الضائعة = (قيمة وقتك لو استثمرته في تطوير الأعمال) – (تكلفة الشركة المختصة)

= 10,000 – 2,500

= 7,500 ريال

 

ماذا يعني ذلك؟

إذا اخترت أن تدير الأمور المحاسبية بنفسك، فأنت ستتكلف بمبلغ 7,500 ريال شهرياً ستضيع منك على اعتبارها فرص نمو كان بإمكانك العمل عليها لو كنت متفرغاً لها، حتى لو لم يخرج هذا الرقم من جيبك مباشرةً. أما إذا وظفت شركة محاسبية، فأنت تدفع 2,500 ريال نقداً، لكنك في المقابل تحافظ على قيمة وقتك وتضاعف فرص توسعك.

بالتالي، تكلفة الفرصة الضائعة لعدم توظيف شركة محاسبية هي 7,500 ريال شهرياً ستضيع منك على اعتبارها فرص نمو غير مستغلة. والقرار الأفضل بهذه الحالة هو اللجوء للخيار الثاني وتوظيف شركة محاسبية.

 

ملاحظة: قيمة ساعة رائد الأعمال في هذا المثال افتراضية وفي الواقع ليست مرتبطة برقم ثابت، بل تُقدّر وفقاً للعائد الذي يضيفه المؤسس عند استثماره وقته في أنشطة النمو.

مثلاً: إذا كان رائد الأعمال يستطيع في يوم واحد إغلاق صفقة عميل بقيمة 10,000 ريال، فهذا يعني أن قيمة وقته في المبيعات أو التوسع عالية جداً مقارنة بالمهام الروتينية.

 

الحالة الثانية: قرار سابق - تأجيل إطلاق المنتج الجديد

لنفترض أنك تدير شركة ناشئة تقنية تقدم حلول برمجية للشركات الصغيرة. في العام الماضي، كان لديك منتج أساسي يحقق إيرادات سنوية تبلغ 1,200,000 ريال سعودي.

كنت تفكر في إطلاق ميزة جديدة (Add-on) تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لكن هذا القرار كان يتطلب استثماراً أولياً بقيمة 300,000 ريال بين تطوير وتسويق. ولأنك رأيت أن الوقت غير مناسب، قررت تأجيل الفكرة.

 

ما حدث بعد عام:

الخيار الذي اتخذته (التأجيل): واصلت بيع المنتج الأساسي بنفس الإيرادات تقريباً: 1,200,000 ريال.

الخيار البديل (التوسع بالميزة الجديدة): منافس لك أطلق ميزة مشابهة وحقق منها إيرادات إضافية بلغت 600,000 ريال في نفس الفترة.

 

دعنا نطبق المعادلة التي تحسب تكلفة الفرصة الضائعة:

تكلفة الفرصة الضائعة = (إيرادات المنتج الأساسي + الإيرادات المحتملة من الميزة الجديدة – تكلفة تطويرها) – (إيرادات المنتج الأساسي وحده)

 

= (1,200,000 + 600,000 – 300,000) – (1,200,000)

= 1,500,000 – 1,200,000

= 300,000 ريال

 

ماذا يعني ذلك؟

قرارك بالتأجيل وعدم تطوير الميزة لم يكن صفر المكاسب لأنك واصلت تحقيق 1.2 مليون ريال من المنتج الأساسي. لكنك دفعت تكلفة فرصة بديلة قدرها 300,000 ريال، وهي صافي الإيرادات الإضافية التي كان يمكن أن تحققها شركتك لو أطلقت الميزة الجديدة في وقتها.

 

كيف تتجنب دفع ثمن الفرص الضائعة؟

إن القرارات المالية ليست مجرد جمع للأرباح والخصومات الواضحة، بل هي معادلة أعمق تشمل ما تخسره حين تختار طريقاً وتغفل آخر. فالتفكير المالي السليم يعني أن ترى التكاليف الخفية كالفرص الضائعة بنفس وضوح التكاليف الظاهرة.

وهنا يأتي دور المحاسبة الدقيقة، فهي الأداة التي تكشف لك الصورة الكاملة وتساعدك على تقدير القيمة الحقيقية لكل خيار قبل أن تخطو أي خطوة.

عندما تضع هذه الحسابات في اعتبارك، ستتعلّم كيف تتخذ قرارات أكثر ذكاءً ووعياً، وتوجّه وقتك ومواردك نحو ما يحقق النمو الحقيقي لشركتك الناشئة.

تواصل معنا في باي فلو لنكون شريكك المالي الذي يساعدك على اتخاذ القرارات الصحيحة، ويمنحك الوضوح الذي تحتاجه لبناء مستقبل أكثر استقراراً ونجاحاً.