تشعر وكأنك تركض بلا نهاية!
مشغول في حل المشاكل اليومية، ومتابعة المنافسين، ومجاراة السوق خوفاً من أن تتأخر خطوة.
تُخفض السعر لأن منافسك فعل، وتُضيف ميزة جديدة لأن السوق اتجه نحوها، وتغيّر الاستراتيجية لأنك تخشى أن تبقى متأخراً بخطوة عن المنافسين. لكن رغم كل ذلك، لا شيء يتغير حقاً في النتائج!
لماذا؟
لأنك تبني قراراتك على ما يفعله غيرك، لا على ما يحتاجه عميلك فعلاً.
في هذا المقال، لن نتحدث عن نظريات، بل سنأخذك في خطوات عملية تعيدك إلى المسار الصحيح:
- كيف تنتقل من مراقبة المنافسين إلى الإصغاء لعملائك؟
- كيف تجعل "التمركز حول العميل" نظاماً يبني شركتك من الداخل للخارج، لا العكس؟
ما هو التمركز حول العميل (Customer Centricity)؟
التمركز حول العميل هو نهج استراتيجي شامل يجعل من العميل محور كل قرار داخل الشركة، من التخطيط وحتى التنفيذ. لا يقتصر المفهوم على تقديم خدمة جيدة أو "إرضاء العميل"، بل يتعداه إلى بناء منظومة تشغيلية وثقافية تُقاس فيها كل مبادرة وكل خطوة بمدى انعكاسها على تجربة العميل ورضاه.
تتبنى الشركات التي تتمركز حول العميل أسلوباً استباقياً، فهي لا تنتظر ظهور المشكلات، بل تراقب سلوك العملاء، وتحلل تفاعلاتهم، وتصغي لآرائهم، وتُدخل التحسينات بناءً على بيانات واقعية واحتياجات فعلية، هذه المقاربة لا تُكسبها رضا العميل فحسب، بل تبني ولاءً طويل الأمد، يحوّل العميل إلى شريك ومُروج فعلي للعلامة التجارية.
وعندما يُطبّق هذا المفهوم على نحو منهجي ومدروس، لا يبقى مجرّد نظرية في كتب الإدارة، بل ينعكس مباشرةً على جودة العمليات الداخلية، ونمو الإيرادات، واستدامة العلاقات مع العملاء.
إليك كيفية تطبيقه ضمن شركتك.
إذا أردت أن تعرف أكثر عن التمركز حول العميل وفائدته لشركتك اقرأ المقال التالي:
مشروعك ليس منافسك: لماذا يجب التمركز حول العميل لا السوق؟
استراتيجية التركيز على العميل
لا يكفي أن تؤمن بأهمية العميل لتصبح شركتك متمركزة حوله، بل تحتاج إلى استراتيجية واضحة قابلة للتنفيذ، تنعكس في كل قرار وتتجسّد في كل تفاعل.
تقوم هذه الاستراتيجية على ركيزتين أساسيتين: التسويق المتمركز حول العميل، والبيع المتمركز حول العميل.
ولكي نفهم كيف تُطبق هذه الاستراتيجية على أرض الواقع، دعنا نبدأ بركيزتها الأولى: التسويق.
أولاً: التسويق المتمركز حول العميل
يعتمد هذا النوع من التسويق على إشراك العميل في الرسائل التسويقية نفسها، عبر استخدام المحتوى الذي يقدمه العملاء، وتضمين آرائهم وتقييماتهم في الحملات.
ولا يكون الهدف هنا هو جذب العملاء، بل تحويلهم إلى سفراء للعلامة التجارية يدعمونها بالتوصية الشفوية والثقة.
وبعد التسويق، تأتي المرحلة الحاسمة التي تُترجم هذا الاهتمام إلى أفعال: البيع المتمركز حول العميل.
ثانياً: البيع المتمركز حول العميل
خلافاً لأسلوب البيع التقليدي الذي يقدّم عرضاً موحداً للجميع، يركّز البيع المتمركز حول العميل على احتياجات كل عميل محتمل على حدة، ويهدف إلى حل مشكلته بدلاً من مجرد بيع المنتج.
يشمل ذلك مشاركة محتوى مفيد عبر القنوات التي يفضّلها العميل مثل البريد الإلكتروني أو لينكدإن أو حتى الاجتماعات المباشرة. لكن لا يمكن تنفيذ هذه الممارسات ما لم يكن هناك بناء استراتيجي داخلي يدعمها، وهنا يأتي دور التخطيط.
كيفية بناء استراتيجية فعالة
تحتاج الشركة إلى خطوات عملية وهي:
1- جمع بيانات دقيقة عن العملاء من مصادر متعددة، مثل:
- استبيانات رضا العملاء
- سجلات الشراء
- تفاعلات خدمة العملاء
- تحليلات الموقع
- منصات التواصل الاجتماعي
- برامج الولاء
2- تحليل البيانات بعد جمعها لاستخلاص رؤى قابلة للتطبيق، مثل:
- توقع الاحتياجات المستقبلية للعملاء
- تحديد القنوات المفضلة لديهم
- معرفة الإجراءات التي تحقق أكبر أثر بأقل تكلفة
- تحسين التجربة الشخصية من خلال تقسيم العملاء
- تعزيز الولاء وزيادة قيمة العميل مدى الحياة
3- صياغة الأهداف وتوزيع المهام بوضوح على فرق العمل المختلفة، وهم:
- فريق التطوير لتحسين نقاط الضعف في التجربة
- فريق التسويق لإبلاغ العملاء بأن ملاحظاتهم مأخوذة بالحسبان
- فريق خدمة العملاء لرصد المشكلات الجديدة وتحسين الاستجابة
- فرق التحليل لمتابعة الأداء وقياس النتائج
وبعد التخطيط، لا بد من الانتقال إلى مرحلة التنفيذ التي تختبر مدى جدية الشركة في التمركز حول العميل.
كيفية تنفيذ استراتيجية التمركز حول العميل
لكي تكون هذه الاستراتيجية فعالة، يجب أن تُنفذ من خلال مجموعة من المبادرات التكاملية التي تشمل:
1. افهم عميلك
الخطوة الأولى في التمركز حول العميل تبدأ دائمًا من الفهم، فهم عميق لاحتياجات العميل، ولرغباته وتحدياته وسلوكياته. ولكن هذا الفهم لا يكتمل من دون إدراك ما يحدث في السوق من تغيّرات قد تؤثر في قرارات العميل وتفضيلاته. وعندما تصل الشركة لهذا المستوى من الفهم، تصبح قادرة على التنبؤ باحتياجات العميل، حتى قبل أن يعبّر عنها صراحة.
على سبيل المثال، قد تلاحظ شركة بيع مستلزمات الدراسة أن كثيرًا من الأمهات يبحثن عن أدوات بأسعار مناسبة قبل بداية العام الدراسي بأسابيع. وبدلًا من انتظار الطلب، تبدأ الشركة بحملات ترويجية وعروض مُبكّرة.
هذا التحرك لم يكن مصادفة، بل نتيجة تحليل بيانات الشراء في السنوات السابقة وربطها بتغيّرات السوق.
2. جمع آراء العملاء باستمرار
1- استخدم كل نقطة تواصل ممكنة لجمع تعليقات العملاء، سواء عبر:
- المحادثات الفورية
- البريد الإلكتروني
- المكالمات
- الرسائل النصية
- وسائل التواصل الاجتماعي
- الاختبارات المباشرة للمنتجات
- استبيانات رضا العملاء
- سجلات الشراء
- تفاعلات خدمة العملاء
- تحليلات الموقع
- برامج الولاء
2- نظّم استطلاعات دورية لقياس رضا العملاء.
3- نفّذ اختبارات استخدام لتحديد نقاط التحسين.
4- تواصل هاتفياً مع العملاء للحصول على انطباعات أكثر واقعية وتفصيلاً.
3. إشراك جميع الفرق في ثقافة التمركز حول العميل
التمركز حول العميل ليست مهمة قسم التسويق أو خدمة العملاء وحدهم، بل يجب أن يشارك فيها الجميع من الإدارة العليا إلى الأقسام التشغيلية، لذلك عزز ثقافة داخلية تُقاس فيها مؤشرات الأداء بناءً على رضا العميل ومساهمته في نجاح الشركة.
4. سهولة الوصول إلى خدمة العملاء
اجعل من السهل على العملاء الوصول إليك، لا العكس. مثلاً، وفِّر رقم هاتف واضح على كل صفحة من صفحات موقعك مع عبارة جانبه توضح أن هذا رقم خدمة العملاء. يمكن لهذا النوع من التفاعل أن يخلق تجربة إيجابية تبقى في الذاكرة وتزيد الولاء.
5. اللقاءات المباشرة مع العملاء
رغم هيمنة الرقمنة، لكن تظلّ اللقاءات وجهاً لوجه وسيلة فعّالة لفهم العملاء عن قرب، ويمكن تنظيم فعاليات أو ورش عمل أو لقاءات مجتمعية لتعزيز هذا التواصل.
6. تقديم خدمة عملاء استباقية
لا تنتظر أن يواجه العميل مشكلة، على العكس، امنحه الموارد التي تمكّنه من حل مشاكله بنفسه قبل أن يتواصل معك، مثل صفحة تسعير واضحة، أو قاعدة معرفية شاملة، أو رسائل إرشادية مبرمجة.
7. تبنّي أدوات دعم العملاء المناسبة
يُسهّل الاستثمار في أدوات مثل أنظمة إدارة علاقات العملاء (CRM) أو روبوتات الدردشة الذكية تقديم دعم سلس وسريع ومتعدد القنوات.
8. التفكير فيما بعد الشراء
لا ينتهي التمركز حول العميل عند عملية الشراء، بل يبدأ منها.
أضف قيمة حقيقية لما بعد البيع، كالدورات التدريبية أو الخدمات المجانية أو المتابعة المستمرة، إذ تعزز هذه الجهود ولاء العملاء وتطيل دورة حياتهم مع العلامة التجارية.
9. بناء عملية تهيئة (Onboarding) فعّالة
ساعد عملاءك الجدد على الاستفادة القصوى من منتجاتك وخدماتك عبر تهيئة واضحة ومخصصة تلبي احتياجاتهم الفردية، مما يقلل من معدل الانسحاب، ويزيد من فرص التكرار في الشراء.
10. دمج التمركز حول العميل في التوظيف والتدريب والتقييم
ابدأ من اليوم الأول، استقطب موظفين يؤمنون بقيمة العميل، ودرّبهم باستمرار على تحسين تجربة العملاء، وقيّم أداءهم بناءً على مساهمتهم في تحسين هذه التجربة.
أخيراً، التمركز حول العميل هو البوصلة التي نوجّه بها كل قرار.
في باي فلو، لا نقدّم حلولاً جاهزة، بل نصغي لكل عميل على حدة.
نفهم أولوياته، ونتفهم مخاوفه، ونبني خدماتنا المحاسبية والمالية من واقع تجربته الحقيقية.
لأننا نؤمن أن الشراكة تبدأ بالثقة، وتستمر عندما يشعر العميل أنه ليس وحده وسط الفوضى.
إذا كنت تبحث عن جهة موثوقة، وتفهم احتياجاتك، وتساعدك على اتخاذ قراراتك بثقة ووضوح
احجز الآن جلسة عرض الخدمة ودعنا نصنع فارقاً ملموساً في إدارة أعمالك المالية.